منتديات كــركــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات كــركــر

اهلاً بكم فى منتديات كركر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
معاذ
Admin



المساهمات : 300
تاريخ التسجيل : 10/03/2008

سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم   سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالخميس مارس 13, 2008 7:51 am

الدفاع عن المدينة(الجزء الثاني):

غزوة بنى قريظة:
سأل جبريل محمدًا، وقد عاد لتوه من غزوة الأحزاب، فدخل بيت أم سلمة يغتسل: أو قد وضعت السلاح؟، فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم. وأمره أن يتقدم بالمسلمين؛ ليحسم أمر بنى قريظة. وفى دقائق معدودة كان الجيش المسلم يتحرك إلى ديارهم، ثم يحاصرهم فى ديارهم، وزلزل الله الأرض من تحت أقدامهم، وقذف فى قلوبهم الرعب، فنزلوا على حكم النبى -صلى الله عليه وسلم-، الذى وكل أمرهم إلى سعد بن معاذ؛ ليحكم فيهم، وحكم سعد فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات كما قال النبى، فتم تنفيذه على الفور، وانتهت الغزوة بتخلص المسلمين من مدبرى الفتن، ومتصيدى فرص الضعف، ثم تليت بوفاة سعد وتوبة الله على أبى لبابة، الصحابى الجليل. وقد وقعت هذه الغزوة فى شهر ذى القعدة للعام الخامس الهجرى.

وقعة الحديبية:
إن وقعة الحديبية -التى تمثل فاصلاً لمرحلة جديدة فى السيرة النبوية- قد بدأت برؤيا للنبى -صلى الله عليه وسلم-، أنه يعتمر مع أصحابه، وما إن أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحابته بذلك، حتى شرع المسلمون فى التحرك إلى مكة، ولم تقبل قريش بادئ الأمر فكرة أن للمسلمين كغيرهم الحق فى زيارة البيت، فتجهزت للصد عن المسجد، ومحاربة النبى ومن معه، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- وقد خرج معتمـرًا لا محاربًا، قام بتبديل الطريق وتجنب اللقاء، ورأت قريش أن تلجأ للمفاوضات؛ لصرف النبى -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، فتتالت وساطات بديل بن ورقاء، ومكرز بن حفص، والحليس بن علقمة، ثم وساطة عروة بن مسعود، لكن دون جدوى، وهنا عنّ لفتية قريش أن يقوموا بمحاولة طائشة لإنهاء هذا الأمر بالقوة، غير أن المسلمين أعادوهم بخفى حنين، ثم بعث النبى -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان سفيرًا إلى قريش، فاحتبسته قريش، وأشيع أنه قتل، فما كان من النبى -صلى الله عليه وسلم- إلا أن بايع من معه على القتال حتى الموت، فى بيعة سميت ببيعة الرضوان، وأسرعت قريش بفض هذه الأزمة، وبإرسال سهيل بن عمرو وسيطًا جديدًا بينها وبين محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتمت المعاهدة، وقبل أن تتم كتابتها، طالب سهيل برد أبى جندل إليه، حسب بنودها، فرده -صلى الله عليه وسلم-؛ لكنه التزامًا بكلمات المعاهدة، أبى أن يرد المهاجرات، وقد حزن المسلمون، وخاصة عمر؛ لشعورهم بفوات العمرة، وانعدام العدل فى بنود المعاهدة، لكنه -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالنحر والحلق، حتى يعودوا، ولقد دارت الأيام لتثبت للجميع مقدار المصلحة فى هذه المعاهدة، وجرى حكم الله -عز وجل- بانتهاء أزمة المستضعفين الذين لم يكن باستطاعتهم الذهاب إلى المدينة حسب الاتفاق الممهور، وقد تليت هذه المعاهدة بإسلام أبطال من قريش، كإشارة ربانية لبداية فجر جديد.

مكائد اليهود:
دخل محمد-صلى الله عليه وسلم- يثرب فوجد يهودها على صنفين؛ بعضهم شكل تجمعًا كبيرًا مستقلاً، والبعض الآخر ظل أفرادًا داخل قبائلهم المتعددة، وعاهد -صلى الله عليه وسلم- أتباع أخيه موسى -عليه السلام- على الصدق والنجدة والوفاء، حتى يكونوا معه فى أمة يثرب. وحاول اليهود -الذين احترقت أفئدتهم حين أيقنوا بانتقال النبوة إلى ولد إسماعيل- حاولوا أن يفتتوا المجتمع المسلم وهم إن أخفوا ذلك إلى حين فإن بنى قينقاع قد أظهروه بعد نصر المسلمين ببدر، فأجلاهم النبى عن المدينة، وظنت بنو النضير -بعد هزيمة المسلمين بأحد- أنها قاتلةٌ محمدًا، وهمت بذلك، فألحقها المسلمون بأختها خارج أسوار المدينة الوادعة. ومرة أخرى سعت يهود بالغدر حين ألبت الأحزاب لغزو المدينة، ثم أظهرت بنو قريظة الخيانة، حين ظنت أن المسلمين قد انتهى أمرهم، فحالفت قريشًا ومن معها، ولكن الله تعالى نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. فدفعت بنو قريظة ثمنًا فادحًا لخطيئتها الفادحة. ويبدو أن تطهير المدينة لم يعد كافيًا؛ إذ تجمعت رؤوس الفتنة والغدر بخيبر، تنسج بليل المكائد للمسلمين. فذهب إليهم النبى ليحاربهم وجهًا لوجه كما ألف، لا دسًّا وغيلة كما اعتاد الخائنون، ولم يعد إلا ونصرالله يخفق بجناحيه فوق جيشه الميمون. وبعد، فقد بقى اليهود فى دين الله، ودولة المسلمين، أمة من الأمم، لها ما للمسلمين، وعليها ما عليهم، ما بقى أتباعها مسالمين وادعين، أما إن أظهروا الغدر والعداء، فجزاء الغادرين المعتدين فى دين الله صارم قاطع، ليهود أو غيرها!.

دور المنافقين:
كحية رقطاء كمنت فى شقوق دار آمنة، تنتظر فرصة بليل فتتسلل إلى فريستها الغافلة، عاش المنافقون فى حنايا المدينة، وخالطوا أهلها. وقد ظهر خطرهم بعد بدر، حين لم يجد زعيمهم عبد الله بن أبى قدرة على مواجهة النبى -صلى الله عليه وسلم- بالعداوة؛ فأظهر-ومن معه- الإسلام وأبطنوا غيره. وكان أول ما بدا من هذا المعسكر يوم بنى قينقاع حين أصر ابن أبى على رأيه فى حمايته، وضغط على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يمسهم بسوء، ثم فضح هذا المعسكر بأكمله يوم أحد حين تولوا إلى المدينة، وأبوا المشاركة فى القتال فلجئوا إلى الدس الخفى، وألبوا يهود بنى النضير، ثم حاولوا إشاعة اليأس بين المسلمين يوم الأحزاب، وأثاروا الفتنة بين المهاجرين والأنصار فى غزوة بنى المصطلق، فلما ردهم الله خاسرين، نسجوا قصة الإفك ليطعنوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فى زوجه، ويطعنوا المؤمنين فى أمهم عائشة، وأمعن المنافقون فى غيهم حين اتصلوا بيهود خيبر يحذرونهم من خروج المسلمين إليهم، لكنهم افتضحوا مرة أخرى فى غزوة تبوك حين احتالوا لبناء وكر لدسهم ومؤامراتهم زعموا أنه مسجد لله وعبادته، ثم هموا بما لم ينالوا وحاولوا قتل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وهو فى طريق عودته من تبوك، وقدم إليه المخلفون منهم يعتذرون إليه بعد عودته؛ لكن الله سبحانه وتعالى أنزل آيات بينات تظهر نفاقهم، وتعلن طويتهم، وتحذر المسلمين منهم؛ فعادوا بالذلة والهوان.

--------------------------------------------------------------------------------

المهادنة:
لملك من ملوك الأرض تغدو الهدنة فرصة للراحة والاسترخاء، أو فسحة للاستمتاع بطيب العيش وملذات الحكم، أما لنبىٍّ عظيم كمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن الهدنة تصبح فرصة؛ لمحاربة ذيول الكفر بعد سكون رأسه، وفسحة لتدعيم أركان الإسلام بدولة المدينة، ودعوةً فى أرجاء الأرض. وهكذا ما إن عقدت الهدنة حتى أخذ النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم- فى مكاتبة الملوك والأمراء فى سائر أنحاء الدنيا، وظل الجهاد فى تلك الفترة متصلاً، فقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغزوة الغابة أو غزوة "ذى قرد" ثم تلاها بغزوة خيبر، وبفتحها استراح المسلمون من جناحى البغى والكفر: قريش واليهود، ولم يبق أمامهم سوى الجناح الثالث: جناح الأعراب الذين هم أشد كفرًا ونفاقـًا، فبدأ -صلى الله عليه وسلم- فى ربيع الأول سنة سبع من الهجرة بغزوة ذات الرقاع، ثم تلاها بسرايا عديدة طيلة السنة السابعة، حتى كان "ذو القعدة" فاعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه عمرة القضاء، وما إن عاد إلى المدينة حتى أرسل عدة سرايا إلى أن كانت معركة مؤتة أعظمُ حرب دامية خاضها المسلمون فى حياة النبى -صلى الله عليه وسلم-، وكانت تمهيدًا لفتوح بلدان النصارى، وقد بعث بعدها النبى -صلى الله عليه وسلم- بسرية ذات السلاسل ثم سرية أبى قتادة إلى خضرة. وما إن جاء شهر شعبان سنة ثمان من الهجرة حتى نقضت قريش الهدنة؛ فكان ذلك إيذانًا بفتح الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم-ونصره له بعد سنين طوال، أبت فيها قريش أن تذعن لدين الله، إلى أن طويت هذه الصفحة الأليمة بلا رجعة بفتح مكة المكرمة على يدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين معه، وقبل أن يغادر النبى -صلى الله عليه وسلم- مكة قام بإرسال بضع سرايا، ثم قفل راجعًا إلى مدينته المحبوبة.

مكاتبة الملوك والأمراء:
ما إن أمن المسلمون حرب قريش، حتى دبت أقدامهم فى أنحاء الأرض، تحمل رسالة رب العالمين إلى العالمين، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلم أن رسائله ستصل إلى قوم، الشكل عندهم يسبق المضمون؛ ولذا فقد اتخذ لنفسه خاتمًا من فضة، جعل نقشه "محمد رسول الله"، وانتقى صلى الله عليه وسلم- من صحابته أهل المعرفة والخبرة؛ ليرسلهم إلى ملوك العالم فسعوا بكتبه إلى النجاشى، والمقوقس، وإلى كسرى، وقيصر، وإلى المنذر بن ساوى، وهوذة بن على، والحارث بن أبى شمر، وكذلك إلى ملك عمان، فأصاب كل من خير الإسلام ما يحسب ما هو أهل له.

غزوة الغابة:
ركب رباح -غلام رسول الله- فرسًا وأسرع راكضًا إلى المدينة، يسابق الريح، وفوجئ النبى -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون به يخبرهم لاهثًا بأن عبد الرحمن الفزارى قد أغار على أنعام الرسول -صلى الله عليه وسلم- فاستاقها جمـيعًا، بعد أن قتل راعيه، وأن سلمة بن الأكوع يسعى الآن خلفهم وحده. من ناحية أخرى أخذ سلمة يرميهم بنبله فيصيبهم، ويصيب ركائبهم، فإذا رجع إليه فارس منهم، جلس فى أصل شجرة ثم رماه بنبله ليقضى عليه أو يفر. وما زال سلمة يتبعهم بسهامه حتى أجبرهم على ترك كل ما استاقوه من أنعام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم استمر فى ملاحقتهم، فأخذوا يتخلصون مما معهم من الرماح وغيرها؛ حتى تخف أحمالهم فيسرعون المسير، وهنا أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع صحابته، فقتلوا عبد الرحمن الفزارى، وفر من معه مدبرين، ثم رجع الجميع إلى المدينة، وقد غنموا ما ألقى القوم، واستشهد منهم أخرم، قتله عبدالرحمن قبل أن يقتله.

غزوة ذات الرقاع:
قاد غباء أنمار، أو بنى ثعلبة وبنى محارب من غطفان إلى نهاية سيئة، فقد انتقـوا الوقت المناسب الذى فرغ فيه المسلمون من حرب قريش بصلح الحديبية، ومن حرب اليهود بفتح خيبر؛ ليتجمعوا ويتظاهروا على حرب المسلمين ومحمد!. وعلى العكس من ذلك فإن هذا الوقت -ربيعًا الأول لسنة سبع من الهجرة- كان أنسب الأوقات للمسلمين؛ لتأديب الأعراب قساة القلوب، وكبح جماحهم. فقد أسرع محمد -صلى الله عليه وسلم- فى أربعمائة أو سبعمائة من أصحابه بالخروج إليهم. والأعراب على عكس قريش التى تجمعها مكة، واليهود الذين يلوذون بحصونهم- على عكسهما ليست لهم مقار ثابتة أو منازل مقيمة؛ ولذا فلا يصلح لحربهم إلا حملات الإرهاب والتهديد، ولقد وصل -صلى الله عليه وسلم- إلى موضع يقال له نخل على بعد يومين من المدينة، فلقى جمعًا من غطفان، إلا أنه لم يكن بينهما قتال، والحق أن هدوء معسكرى قريش واليهود لا يعنى أن المسلمين غدوا فى حال يسر ووفرة، بل على العكس من ذلك، فقد روى أبو موسى الأشعرى، أنهم خرجوا لا يجد الستة منهم إلا بعيرًا واحدًا، يتعاقبون عليه، حتى أصيبت أقدامهم، وسقطت أظفارهم، فكانوا يلفون على أرجلهم الخرق، فسميت الغزوة لأجل ذلك بذات الرقاع، ولا شك أن ما قام به المسلمون من الخروج إلى هذه الغزوة لإرهاب عرب غطفان، كان له أبلغ الأثر، فإن غطفان لم ترفع بعد رأسًا، بل استسلمت ثم أسلمت، وشاركت بعض قبائلها فى فتح مكة، ودفعت الصدقة إلى جامعى الصدقات الخارجين من المدينة.

معركة مؤتة:
مضى الحارث بن عمير الأزدى فى طريقه إلى بصرى، حاملاً كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عظيمها، لكن شرحبيل بن عمرو الغسانى، عامل قيصر على البلقاء من أرض الشام لم يرضه ذلك! فأسر الرسول المسالم وأوثقه، ثم ضرب عنقه بالسيف!! ووصل هذا الخبر إلى المسلمين ونبيهم -صلى الله عليه وسلم- فاشتد ذلك عليهم، إذ أكثر الشعوب همجية تعلم أن الرسل لا تقتل، ولم يعد أمام المسلمين إلا أن ينهضوا فى طلب ثأرهم، وسرعان ما تم تجهيز الجيش، الذى حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن يوصيه قبل خروجه، ثم ودع المسلمون جيشهم الذى بدأ تحركه. على الجانب الآخر، قررت الروم أن تجهز جيشًا يناصر شرحبيل فى حرب محمد -صلى الله عليه وسلم-وانضمت قبائل عدة إلى جيشهم ذاك، حتى صار تعداده أضعاف أضعاف تعداد جيش المسلمين.


--------------------------------------------------------------------------------

الفتح ودخول الناس أفواجًا:

أبت بعض القلوب المظلمة أن تفتح أبوابها لنور الحق، الذى سطع فى مكة، وغرها شيطانها؛ فوحدت صفوفها؛ لمقاتلة نبى عز عليها أن ترى انتصاره، وعلو دعوته، فخرج النبى -صلى الله عليه وسلم- لمقاتلتهم فى غزوة حنين، وكما يقولون: فعلى نفسها جنت براقش، ومحارب الله ورسوله، ترى إن لم يرجع بالخيبة، ويبؤ بالخزى والفشل، فبم يرجع، وبم يبوء؟!. وعاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد هذه الغزوة إلى المدينة منتصرًا؛ ليرسل جامعى الصدقات لمن أسلم من القبائل، و السرايا لمن اعتدى منهم. لكن "أسد الرومان" لم يعجبه استتباب الأمر فى الجزيرة للنبى الجديد ودعوته، وهو يعلم خطره، ونهشة مؤتة لا زالت توجعه، وتنبهه؛ ليترك عرينه، وينقض على غريمه الذى عظم شأنه فى الجوار. أما النبى العظيم -صلى الله عليه وسلم- فهو أشد حرصًا على دعوته من أن يؤتى على غرة؛ لذا فقد بادر بالسعى إليه فى بلده فى غزوة تبوك الشهيرة، والتى ابتليت فيها العزائم، وامتحنت فيها النفوس. ولم تنته السنة التاسعة للهجرة إلا عن بعض الوقائع المهمة، والتى كان آخرها إرسال أبى بكر أميرًا على الحج. ولا شك أن الدعوة بعد فتح مكة قد استقرت أركانها، ورسخت أقدامها؛ ولذا فقد تقاطرت الوفود على النبى -صلى الله عليه وسلم- تدخل فى دين الله أفواجًا، وبقدوم "ذى الحجة" من العام العاشر للهجرة، خرج النبى -صلى الله عليه وسلم- حاجًا حجة الوداع، ثم عاد إلى المدينة ليرسل آخرالبعوث: بعثة أسامة بن زيد إلى أرض الروم، وهى البعثة التى أجل خروجها حتى وفاة النبى -صلى الله عليه وسلم-، وصعود روحه إلى بارئها -عز وجل-، مخلفًا وراءه دولة وأمة، نموذجًا ونبراسًا لمن خلفه، وأمانة وتبعة فى عنق أتباعه، والسائرين على دربه إلى يوم الدين. اللهم صلِّ وسلم على النبى محمد ما بقيت سماء وأرض، حتى تجمعنا معه وتدخلنا مدخله يوم العرض.. آمين.

غزوة حنين:
لئن كانت القبائل المجاورة لمكة قد خضعت لحكم الله تعالى، فإن غيرها ممن نأت ديارهم، غرهم عقلهم العليل، فقد اجتمعت هوازن، وثقيف، ونصر، وجشم، وسعد بن بكر، وأناس من بنى هلال، واتخذوا من مالك بن عوف السعدى قائدًا عامًا لهم، وأجمعوا رأيهم على قتال محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المسلمين، فبدأوا مسيرهم إليه، تحت إمرة مالك الذى أطاعوه رغم اختلافه مع كبيرهم دريد بن الصمة، وعلى الفور بدأ نشاط الاستخبارات من الجهتين، ثم غادر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة إلى حنين، وتلاقى الجيشان، فكانت الهزيمة الأولى للمسلمين،وكادت أن تذهب ريحهم لولا ثبات الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والذى أدى إلى رجوع المسلمين واحتدام المعركة، وما مرت سوى سويعات حتى لحقت الهزيمة الساحقة بجيش العدو، وبدأت المطاردة، لكن الأعراب فروا إلى الطائف فاحتموا بها، فجمع المسلمون الغنائم، ثم ساروا إلى الطائف، حيث بدأ الحصار والقتال حولها، لكنها عصيت عليهم، فقرروا الرحيل عنها إلى حين، وانتظر النبى -صلى الله عليه وسلم- بعض الوقت، ثم قسم الغنائم والتى لم ينل منها الأنصار -على كثرتها ووفرتها -شيئًا، فأحزنهم ذلك، حتى حدثهم النبى -صلى الله عليه وسلم- فرضوا بمقامه بينهم بديلاً، وما كادت قسمة الغنائم تتم حتى قدم وفد هوازن يعلن الاستسلام ويطلب الصلح، فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- إليه، وأنهى غزوته بأداء العمرة ثم الانصراف إلى المدينة.

غزوة تبوك:
قيصر الروم الذى بدأ المسلمين بالعداوة، منذ مؤتة، والمسلمون لايقلقونه فحسب، بل يقضون عليه مضجعه، ويثيرون خوفه أيضًا- لقد اكتسحت جموعه قبائل العرب، فوجدوها تحت أمرهم، ودانت لهم الجزيرة العربية بأسرها. ولن تلبث صخرة الروم أن يجرفها سيل المسلمين العظيم، لن ينتظر قيصر إذن حتى تخلع العرب أبوابه، وتحرق عالى أسواره، لقد بدأهم بالمعاداة، وليس له الآن أن يتنكب الطريق!! على الجانب الآخر لم يكن المسلمون ليغفلوا عمن أصبح جارهم، بعد اتساع رقعتهم. كما لم يكن لهم أن ينسوا ثأرهم بمؤتة، فكانوا دومًا فى ترقب وحذر، هو حذر لا يشغلهم عن عدوهم الذى بين أظهرهم، فما زال للمنافقين بالمدينة دور يؤدونه، بل ومسجد على غير تقوى الله يقيمونه، وفى هذا الجو الملبد، وصلت الأخبار باستعداد الروم للحرب، وكره الناس الغزو لاجتماع ظروف عديدة، لكن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ما كان يوقفه عن عزمه شىء، فأعلن التهيؤ لغزو الروم، وتم تجهيزالجيش، الذى بدأ مسيره إلى تبوك، ثم وصل إليها وعسكر بها دون حرب أو قتال، لأن عدو المسلمين لم يبق فى أرض المعركة بعد سماعه بخروج النبى -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، وصالح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبائل الشام العربية الموالية للروم على الجزية، ثم رجع إلى المدينة، وهناك كان لقاؤه مع المخلفين الذين تكاسلوا عن الخروج، فذمهم الله تعالى سوى ثلاثة منهم.

وقائع مهمة فى السنة التاسعة للهجرة:
لم تمض السنة التاسعة الهجرية حتى أظهرت صفحاتها للمسلمين العديد من الحوادث الجسام، فقد توفى النجاشى أصحمة: ملك الحبشة، وصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الغائب، وتوفيت كذلك أم كلثوم بنت النبى -صلى الله عليه وسلم- فحزن عليها حزنًا شديدًا، وقال لعثمان : لو كانت عندى ثالثة لزوجتكها. وتوفى أيضًا عبدالله بن أبى رأس المنافقين، وقد استغفر له النبى -صلى الله عليه وسلم- وصلى عليه رغم محاولة عمر منعه، ثم نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر، وفى هذه السنة أيضًا تلاعن عويمر العجلانى وامرأته، كما رجمت الغامدية، التى جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة، وقد رجمت بعدما فطمت ابنها.

الوفود:
قد يعشق أصحاب العقل الحق لمنطقه، ويهفو إليه آخرون لما تحسه قلوبهم الصافية من جمال، قد لا يدركه عقل أو منطق، أما غالب الناس فإنهم يظلون يرقبون الحق وهو يقاتل، حتى إذا انتصر وعمّ نوره الآفاق، رأوا ما به من جمال، فأسرعوا يتبعونه على عجل!، وقبائل العرب المختلفة، كانت تتابع ما بين محمد -صلى الله عليه وسلم- وقريش من حرب دائرة، ويحدثون أنفسهم قائلين: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبىّ صادق. فلما رأوا بأعينهم ما منّ الله به عليه يوم الفتح، تتابعت وفودهم المتلاحقة تقف بين يديه، وتعلن أن هدى الله قد دخل قلوبها، واستيقنته سويداؤها! ونذكر من بين ما يزيد على السبعين وفدًا هذه الوفود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://karkarharb.mam9.com
 
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات كــركــر :: المنتديات الاسلامية :: المنتدى الاسلامى :: التاريخ الاسلامى-
انتقل الى: